لم أتذوق طعم الموت لكني تذوقت طعم غيابك فمارست الموت في الغياب كما يمارسون الغياب في الموت....
غيابــك ..
كأس سم أحتسيه كل ليلة فيبلل الطرقات في أعماقي ويمتزج بدم قلبي فتموت كل الأشياء فيّ إلا ... أنت.
غيــابك ..
وسادة جمر أتوسدها كل ليلة أضع رأسي في أحشائها فيتصاعد دخان ذاكرتي فتفور وتثور وتخنقني رائحة التفاصيل المشتعله...
غيابك ..
مدينة حزن أشد الرحال اليها كل ليلة أدخلها بلا أوراق رسميه وأتجول في شوارعها وأشعل شموع الأمل في طرقاتها وأتقصى آثار خطاك عل الدرب ينتهي يوماً إليك..
غيابك ..
خنجر ملوث يحمل بصماتك بوضوح ويسافر كل ليله إليّ ويتجول في داخلي يتخبط كالمجنون الأعمى فيّ ثم يستقر في آخر الليل (هنا).. و(هنا)قلبي..
غيابك ..
حكاية مؤلمة .. بطلها الأول العذاب..وبطلها الثاني الضياع.. وبطلها الثالث البكاء.. وبطلها الرابع الوداع وللفراق دور البطولة في الجزء الأخير ..
غيابك ..
جنين ميت توقف نموه فيّ وتغير لونه منذ زمن ولوث مساحات النقاء فيّ ومازلت أتحسسه بلهفة أم وأحنو عليه وأناغيه بصوت الرحمه..
غيابك ..
خيانة العقل للقلب وخيانة اليوم للأمس وخيانة اليقظه للحلم وخيانة الحزن للفرح وخيانة الواقع للخيال وخيانة الضياع للاستقرار وخيانة الموت للحياة..
غيابك ..
انتصار اليأس على الأمل وانتصار الحزن على الفرح وانتصار القسوه على الرحمه وانتصار الخوف على الأمان وانتصار الشر على الخير ..
غيابك ..
رعب لايستقر وموج لايهدأ وسفن لاتصل ومعاناة لاتنتهي ومأساة تتكرر كالنبض فيّ وحالة مرضيه شفاؤها الموت ..
غيابك ..
شهقه دهشه لاتتوقف وسؤال ذهول ليست له اجابة ودرب شوك ليست له نهايه وحكاية رعب ليست لها خاتمه وعمر بلا أيام وأيام بلا لحظات ولحظات بلا تفاصيل ..
غيابك ..
شيء من الذهول وحاله من اللاوعي وإحساس بالوحدة وإحساس بالضياع يمتد بي بين الأرض والسماء..
غيابك ..
مواسم الذبول وحصاد النهايات وأولى قطرات البكاء وأول دروس الوداع وأولى خطوات الضياع وآخر خيوط الشمس..
وقبل أن يرعبنا المساء....
غيابك ..
ذاكرتي التي علقت بطرف ثوبك عند الرحيل فنسيت بعدها كل التفاصيل وأضعت بعدها كل شيء..
وبعد أن أرعبنا المساء ..
أحياناً .. يتحول غيابك إلى حاله من الذهول والهذيان تتلبسني كلما بحثت عنك ولم أجدك..